اسماعيل ياسين اتولد فى السويس لعيلة بتتاجر كلها فى الدهب وكان عايش طفل متهنى وسعيد لحد ما جده اتوفي وتولى ابوه تجارة العيلة كلها..
ورغم أن أبوه كان صنايعى ماهر وتاجر شاطر الا انه اتلم على شلة علمته السهر ولعب الورق لحد ما تحول الراجل من تاجر كبير صاحب محلات إلى صنايعي باليومية..وده اللى زود المشاكل بينه وبين مراته.. اللى كانت بتحاول تحارب ظروفهم الصعبة اللى وصلتهم لانها هى وابنها ميلاقوش تمن الاكل ولا العلاج.. وكانت بتستلف من امها باستمرار علشان تقدر توفر لاسماعيل الاكل..
وفى يوم من الايام.. وفى خناقة من الخناقات شبه اليومية بين ابو اسماعيل وامه.. ابوه زق امه وقعت على الأرض ماتت.. وبدأ اسماعيل يعيش المعاناة الحقيقية.. لأن ابوه كان بيسيبه الصبح فى الشارع ويروح الشغل ومنه على السهر.. ويفضل اسماعيل يلعب فى الشارع لحد ما الدنيا تليل علشان تبدأ مأساته اللى بتتجدد كل يوم.. لأن وقتها كان بيدخل الشقة يقعد فى الضلمة لانه مش بيطول اللمبة الجاز.. وأحيانا كانت تفتكره واحدة من الجيران بلقمة وأحيانا يفضل جعان لحد ما أبوه يرجع وش الصبح..
فترة بعد فترة مل اسماعيل من الوضع واشتكى لابوه.. اللى حاول يدور على حل .. وفى النهاية قرر أن جوازه هو الحل.. على امل ان مراته تبقى ام تانية لاسماعيل.. لكن الحقيقة انها بدأت تعامله كخدام.. وبقت تضرب فيه ولما يرجع ابوه تشتكى منه على اساس انه هو اللى غلط فيها ومطلع عنيها..
من كتر الشكوي .. قرر ابو اسماعيل انه يبعت ابنه علشان يعيش مع جدته أليفة ام امه.. ووقتها كان اسماعيل رايح مبسوط ومنشكح على اساس انها جدته وهتعوضه.. لكن اليفة القوية الشديدة اللى كانت بتطلع بليل تشيش فى قهوة جنب الترب، ورته الويل، وكانت يوميا تضربه وتحرمه من الاكل وعشان تغظيه اكتر كانت تقعد تاكل قدامه، وكل ده وهى معتقده انها كده بتنتقم لبنتها اللى هى ام اسماعيل واللى ماتت بعد خناقة مع ابو اسماعيل فالست اليفة اعتقدت من يومها ان ابو اسماعيل هو سبب موت بنتها وبالتالى كانت بتنتقم منه فى شخص اسماعيل اللى بلا حول ولا قوة.
اسماعيل بيحكى فى حوار نادر وبيقول ان اليفه فى مرة وهو راجع معاها ضلوا الطريق وفجأة لقوا نفسهم قدام دورية للانجليز ويومها قالت لهم انا ست كبيرة ممكن تخدوه هو وتسيبوني..
طبعا مع كل القهر والظلم ده كان تفكير اسماعيل متلخص فى حاجة واحدة.. ازاى يخلع من اليفة.. وفضل يوماتى يطرح السؤال على نفسه ويحط له الف اجابة والف خطة.. لحد ما جه يوم وسأل اصحابه فقالوا له : انزل مصر يا اسماعيل وقدم فى معهد الموسيقى انت صوتك حلو ولو درست هتبقى احسن من عبدالوهاب..
بعد فترة من الالحاح الكفة مالت ناحية اصحاب اسماعيل وخد قرار بانه ينزل مصر بس كان قدامه عقبة واحدة.. الفلوس .. لانه حرفيا ع الحديدة.وهنا هداه تفكيره انه يقتبس من اليفة الفلوس، وبما انه كان عايش معاها فكان عارف شايلة الفلوس فين، وفى ليلة حالكة الظلام والناس نيام قام اسماعيل الهمام اتسحب وسرق ـ اقتبس زى ما بيقول ـ 6 جنيه عشان يقدر ينزل مصر ويبدأ مشواره هناك.. لكن رغم الاحلام الوردية اللى رسمها لنفسه الا ان القاهرة لم تحسن استقباله وكانت محضرة له صدمات من نوع جديد..
نزل اسماعيل على القاهرة.. واول حاجة عملها اول ما نزل انه سأل على معهد الموسيقي.. واول ما عرف الطريق جري على هناك علشان يقدم فيه.. لكن اول صدمة قابلته أن المعهد كان قافل لانهم فى إجازة الصيف ومش هيفتح غير بعد شهرين تلاتة.
وقتها وقف اسماعيل تايه مش عارف يعمل إيه.. لحد ما افتكر أن له قرايب عايشين فى مصر فقال اروح اقعد عندهم.. لكن كلهم رفضوا يستقبلوه بعد ما عرفوا انه جاي يدرس موسيقى على اعتبار انه هيجيب العار للعيلة..
فضل اسماعيل يتنقل من بنسيون لبنسيون لحد ما الفلوس خلصت.. فبقى يمشى فى الشارع لحد ما خدته رجيله لمسحد السيدة زينب.
وقال عن التجربة دى فى حوار سابق ليه “بقيت أنام في المسجد بس إمام المسجد كان يجي يخبطني يصحيني لحد ما طردوني فروحت مسجد تانى ونمت فصحاني واحد من عمال المسجد وقالي كان فيه طقم شاي في المسجد أنت اللي سرقته.. فجه إمام المسجد راجل طيب فحكيت له حكايتى وقولت له أنا عايز اسافر لأبويا لأنه تعبان فخدني البيت نضف لي هدومي.. لأنها كانت اتبهدلت طبعا.. وأداني 35 قرش كانت الأجرة بـ32 قرش.
رجع إسماعيل السويس لقى أبوه وصل لمرحلة مؤلمة من التعب والشقي فزادت حالته النفسية سوء.. وهنا تدخلت الشلة مرة تانية وبدأت توفر لإسماعيل شغل فى اى مناسبة تخصهم أو تخص حتى اللى يعرفوهم.. عيد ميلاد.. سبوع.. فرح.. أهو يطلع يعمل نمرته ويكسب قرشين يساعدوه على العيشة.. لحد ما شاء القدر أنه يحيي فرح قابل فيه واحد من عيلة قدري باشا كان معجب جدا باسماعيل وأدائه والطريقة اللى بيقلد بيها المطربين..
وطلب منه أن ينزل القاهرة ويشتغل معاه.. طبعا اسماعيل كان خايف وقلقان لان تجربة الاولى فى القاهرة سابت فيه جرح كبير.. لكن لما استشار الشلة قالوا له ان الفرصة دى زى القشة اللى مستينها غريق علشان يتعلق بيها .. وطلبوا منه يوافق رغم انه ميعرفش هو بالظبط هيشتغل ايه مع عيلة قدرى باشا دي ولا الشاب ده..
بعد فترة من التفكير اعلن اسماعيل قراره النهائى بالموافقة على العرض.. بس فضلت قدامه مشكلة .. فلوس وتكاليف السفر.. وهنا تدخلت الشلة ولمت مبلغ محترم ادته لاسماعيل علشان ينزل القاهرة ويبدأ حياة جديدة.. ويوم بعد يوم بدأ يكسب ثقة كل اللى فى قصر قدري باشا لحد ما ابنه عينه سكرتير ليه.. وبقي اسماعيل يشارك فى الحفلات اللى العيلة بتعملها من فترة للتانية ..
فى الفترة دى اتعرف اسماعيل على المسارح والسينمات بشكل أكبر.. وفى فترة لاحقة بدأ يركز مع المونولجات أكتر لحد ما وقع غرامها وقرر أنه يحول وجهته من الغناء إلى المونولوج..
حفلة بعد التانية لفت اسماعيل أنظار ضيوف قدري باشا وابنه وكان منهم محامى صديق ابن قدري باشا.. وكان من هواة التمثيل والغناء.. وعلشان كده طلب من اسماعيل انه يشتغل معاه فى مكتبه .. وهنا لقى اسماعيل نفسه فى حيرة يكمل فى القصر مع ابن قدري باشا ولا يسيبه ويشتغل مع المحامي .. لحد ما فى النهاية حس ان المحامى بعلاقاته مع الفنانين ممكن يفتح له سكك أكتر.. فاستأذن اسرة قدري باشا وهما وافقوا على انه يسيبهم بشرط أنه مينسهمش ويعدي عليهم من فترة للتانية..
عند المحامى اتعرف سمعة على ملحن كان بيساعده فى أنه يلحن له المونولوجات وأنه يجيب له شغل من وقت للتانى فى الافراح والسبوع وأعياد الميلاد..
وبعد فترة من الاستقرار مع المحامي اتعرض اسماعيل ياسين لمؤا*مرة من مرات المحامي واضطر مجبرا أنه يسيب المكتب.. وراح وقتها عاش فى بنسيون اتعرف فيه على واحد من اللى شغالين مع الاسطة نوسة واحدة من اشهر الصييته والعوالم وقتها.. فإسماعيل قاله ياريت تكلم لي الست تشغلنى معاها.. فالراجل ضحك وقاله عنيه.. انا ساكن جنبك فى الاوضة اللى هناك دي.. الصبح اعدي عليك واخدك ونروح لها..
نام اسماعيل وهو بيحلم بالهنا والسعادة فى انتظار الصبح يجي .. لكن لما الصبح جه اكتشف انه محضر له مفاجأة مش لطيفة خالص..
اكتشف اسماعيل ان بدلته ومحفظته بأخر فلوس معاه اتسرقت وعرف ان الراجل اياه هو اللى سرقه …فراح للست نوسة علشان يشتكى لها ويخليها تجبره انه يرجع له فلوسه.. فقالت له ده حرامي وسارقنى أنا كمان وبدور عليه علشان اطبق فى زمارة رقبته.. بس أنا ممكن اشغلك معايا لانك صعبت عليا..
حس اسماعيل أن الدنيا بتعوضه خصوصا بعد ما الست نوسة عرضت عليه اوضه فوق السطوح علشان يبقى قريب من الكازينو.. لكن بعد كام يوم.. اكتشف انها بتعاملة معاملة صبى الراقصة .. فخدها من قصيرها وسابها ومشي..
فى الوقت ده كانت الاذاعات الاهلية بتضمن للفنانين شهرة مقبولة فقال اروح اجرب..وفعلا راح اكتر من اذاعة واكتشف بعد ما سجل لهم كذا مونولوج أنهم نصبوا عليه ورفضوا يدوا له فلوس على اعتبار انهم هيشهروه وأنه المفروض هو اللى يدفع لهم فلوس..
رجع اسماعيل اللوكاندة يندب حظه.. ويستنى من فترة للتانية حفلة او فرح علشان يلم كام قرش يعيش بيهم .. لحد ما فتحت الاذاعة المصرية سنة 1934 وقرر انه يتقدم لها كمونولجيست .. وفعلا نجح من اول امتحان ومضى عقد يقدم بموجبه 4 مونولوجات ب 16 جنيه فى الشهر.. وكان اول حاجة يعملها انه راح اجر شقة متواضعة وبدلة جديدة وجزمة جديدة لزوم الشغل ولما الفلوس خلصت ومقدرش يشترى عفش .. جاب جرايد فرشها علشان ينام على الارض .. وده اللى سبب له مشاكل صحية بعد كده.. لكن رغم كده كان اسماعيل مبسوط وسعيد لانه اخيرا حط رجلة على اول طريق السعادة وقال لايام الجيوب الخاوية.. باي..
الحكواتيالهاميسمير
#الهامي_سمير